عضو متميز
مشارك بأكثر من 200 مشاركة
كاتب متميز
كتب أكثر من 200 موضوع
حاصل على الجنسية
مر على وجوده في المنتدى أكثر من 10 سنوات
عضو مطلع
شارك في أكثر من 200 موضوع
|
أغاني الزمن
كانت الشمس تميل إلى الغروب، حين اجتمعت الشقيقتان سلمى وهدى في حديقة منزلهما القديم. جلستا تحت شجرة التوت التي كانت شاهدة على طفولتهما، بينما كانت النسائم تحمل رائحة الأرض بعد المطر.
قالت سلمى وهي تنظر إلى الأفق البعيد: "تذكّرين يا هدى؟ كنا نركض هنا، نضحك بلا هم، ونعتقد أن العالم صغير بما يكفي لنحتويه في أيدينا."
ابتسمت هدى، ووضعت يدها على يد أختها: "كيف أنسى؟ تلك الأيام كانت كالحلم، تمر بسرعة لكننا كنا نعيشها بكل تفاصيلها."
صمتتا قليلاً، كأنهما تستعيدان مشاهد من الماضي، ثم قالت سلمى بصوت متهدج: "مضى بنا قطار العمر يا هدى. لم نعد تلك الفتاتين الصغيرتين. أحيانًا أشعر كأن الزمن سرق منا الكثير."
نظرت هدى إلى أختها بحنان وقالت: "لا تقولي ذلك، يا سلمى. الزمن لم يسرقنا، بل منحنا. منحنا ذكريات لا تقدر بثمن، وضحكات لا تزال ترن في ذاكرتنا. منحنا الفرصة لنكبر معًا، نواجه الحياة يدًا بيد."
تنهدت سلمى وقالت: "لكن ماذا عن الأحلام التي لم نحققها؟"
ابتسمت هدى وقالت: "الأحلام يا أختي ليست وجهة، بل هي الطريق الذي سرنا فيه. حتى لو لم نصل إلى كل ما أردناه، فإن الطريق نفسه كان مليئًا بالتجارب التي شكلتنا."
أشاحت سلمى بنظرها نحو السماء التي بدأت تكتسي بلون الأرجوان، وقالت: "ربما. لكنني أشتاق لتلك اللحظات، حين كان المستقبل أمامنا مليئًا بالاحتمالات."
أخذت هدى نفسًا عميقًا وقالت: "لا تزال لدينا لحظات، يا سلمى. الماضي قد رحل، لكن الحاضر هنا، ونحن هنا. الزمن ليس عدونا، بل هو كتابنا المفتوح. فلنستمر في كتابة قصتنا."
شعرت سلمى بدفء كلمات أختها، فابتسمت وقالت: "حقًا، ما دامنا معًا، فكل لحظة هي كنز."
ضحكت هدى وقالت: "وما رأيك أن نغني تلك الأغنية التي كنا نغنيها تحت هذه الشجرة؟"
ترددتا قليلًا، ثم انطلقت أصواتهما تحمل كلمات قديمة، امتزجت بصوت الريح وأغاني الزمن الذي لا يزال يمضي، لكنه يترك خلفه لحنًا لا ينسى.
.::الَّلهُمَّـ اجعَلْـ عَمَلَنَا خَالِصًا لِوَجهَكَـ الكَرِيمِـ::.