** السرد العربي... نافذة للحياة**
في حياتي الطويلة، رأيت كيف يمكن للكلمة أن تكون نبضًا يتردد في جسد الأمة، وكيف يصبح السرد العربي نافذة تطل منها الحياة بكل ما فيها من ألم وأمل، من ضحكات ودموع، من حكايات ترسم مصير الإنسان. ولا شك أن السرد هو أحد تلك الفنون التي تفك طلاسم الحياة، وتحاول أن تقدم لنا فهمًا عميقًا لمعنى الوجود.
ملتقى السرد العربي الدائم في القاهرة هو تجسيد لهذا الوعي، هو احتفاء بالكلمة الحية التي تجمع بين أجيال من المبدعين، هو المكان الذي تلتقي فيه أصوات الأدباء، ويتجادل فيها السرد مع الواقع، ويعيد تشكيله بلمسات خيالية تفتح الأفق أمام الإنسان ليحلم، وليتفكر.
هنا في القاهرة، حيث تلتقي الحضارات وتتصادم الأفكار، يجد الأدب بيته الطبيعي. ليس من المستغرب أن ينشأ مثل هذا الملتقى في مدينة تعرف كيف تحتضن التاريخ وتستشرف المستقبل. القاهرة، التي عاشت بين جدرانها أساطير الحارات وملامح الحياة اليومية، هي المكان الأنسب لهذا الملتقى الذي يجسد حلم كل كاتب في أن تُسمع كلمته، وفي أن يجد لأفكاره صدى في عقول الآخرين.
**ولكن... لماذا السرد؟**
لأن السرد هو مرآة الروح. هو الفن الذي يعيد خلق العالم مرة أخرى، ويقدمه لنا برؤية فريدة تجعلنا نفهم أنفسنا والآخرين. الأدب ليس مجرد حكايات تُروى للتسلية؛ إنه أداة لاستكشاف الذات وللتفاعل مع المجتمع. ومن هنا تأتي أهمية هذا الملتقى. فهو ليس فقط ساحة للكتاب، ولكنه أيضًا مساحة للجمهور ليشارك في هذا الحلم الجماعي، ليتفاعل مع القصص، ويعيد اكتشاف الحياة من خلال عيون الساردين.
**نحن بحاجة إلى مثل هذا الملتقى**، لأنه يربط الماضي بالحاضر، ويعطي الفرصة لجيل جديد من الكتاب ليقفوا على أكتاف عمالقة السرد الذين سبقوهم. هناك دائمًا حكاية جديدة تُروى، وأفق جديد يُكتشف، ومن دون هذه المنصات، سنفقد جزءًا من تراثنا الأدبي، وجزءًا من مستقبلنا أيضًا.
أدعو جميع عشاق الكلمة، من قراء وكتاب، إلى أن يشاركوا في هذا الملتقى. ففي كل جلسة، في كل نقاش، نعيد الحياة إلى الكلمة، ونمنحها القوة لتستمر، ولتبقى السردية العربية شامخة، تنبض بالحياة.
السرد هو الحياة، والحياة هي السرد.