الأمومة في الإسلام

الحمد لله الذي خلق السموات والأرض، وجعل الأمومة أعظم صور الرحمة والمحبة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فإن الحديث اليوم يدور حول مقام الأمومة، ذلك المكانة الرفيعة التي رفعها الله في القرآن والسنة، وجعلها نموذجًا للرحمة والعطاء.

قال الله تعالى في كتابه الكريم: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا" (العنكبوت: 8). ففي هذه الآية تأكيد على أهمية بر الوالدين، وخاصة الأم، التي تعاني وتتحمل في سبيل أبنائها ما لا يطيق. فقد جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، تسأله: "يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قالت: ثم من؟ قال: أمك. قالت: ثم من؟ قال: أمك. قالت: ثم من؟ قال: أبوك." (رواه البخاري ومسلم). هذا التكرار يدل على عظمة دور الأم ومكانتها السامية.

أيها المؤمنون، إن الأم هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل قيم الحياة، ويكتسب منها الأخلاق والمبادئ. فهي التي تزرع في قلوب أبنائها حب الله ورسوله، وتعلمهم الصبر والاحترام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الجنة تحت أقدام الأمهات" (رواه النسائي)، فهل هناك أسمى من هذا التشبيه؟

وفي زمننا المعاصر، يواجه الكثير من الأمهات تحديات وصعوبات متعددة. فهن في حاجة إلى الدعم والتقدير من المجتمع. لنذكر أنفسنا بأن نكون عونًا لهن، وأن نحيطهن بالحب والاحترام، ونساندهن في أداء رسالتهن السامية.

إن الأمومة ليست مجرد واجب، بل هي شرف عظيم يمنح الله لمن يشاء. قال تعالى: "اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ" (العنكبوت: 62). فلننظر إلى الأم كمصدر للبركة، ونكرمها ونحترمها في كل حين.

أيها الأحبة، لنحرص على التعبير عن محبتنا وامتنانا لأمهاتنا، ولنُظهر لهن الاهتمام والعناية. فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "يا رسول الله، كيف أستطيع أن أبر أمي؟" فقال له النبي: "تحدث إليها، وتسمع كلامها، وكن لها عونًا."

ختامًا، نسأل الله أن يبارك في أمهاتنا، وأن يرحم الأمهات اللاتي فارقن دنيانا. اللهم اجعلنا من البارين بأمهاتنا، واغفر لنا ولهم، واجعلنا من عباده الصالحين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.