الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
فإن هذه السورة الكريمة اشتملت على فوائد عديدة، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم على قراءتها في الجمع والأعياد، أذكر من ذلك:
1- الأمر بتسبيحه سبحانه بذكر اسمه جل وعلا، وقد شرع النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون هذا التسبيح في الركوع والسجود، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى؛ أنه تعالى الهادي لا هادي سواه، فيجب طلب الهداية منه، ولذلك علمنا صلى الله عليه وسلم أن ندعو: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي، وَسَدِّدْنِي»، وفي التنزيل المبارك: ï´؟ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ï´¾ [الفاتحة: 6].
2- إن الله سبحانه وتعالى لسعة علمه وكمال حكمته يُنسي نبيه بعض ما يُوحي إليه لما يريده من الخير لنبيه وأمته، ولذلك قال تعالى: ï´؟ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ï´¾ [البقرة: 106].
3- أنه تعالى هو الذي يجعل النبات بعد الخضرة والنضرة غثاءً أصفرَ، وأحوى؛ أي أسود.
4- الامتنان من الله على عباده بأن خلقهم فسواهم وهداهم وأخرج ما ترعاه بهائمهم.
5- بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بحفظه للقرآن فلا ينساه.
6- أن المنتفعين بالتذكرة هم أهل الخشية وهم المؤمنون؛ كما قال تعالى: ï´؟ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾ [الذاريات: 55].
فيدخل في ذلك من تذكر من الكافرين، فآمن واتَّبع الذكر، وكذا المؤمن إذا ذكر فتذكر، وازداد بالتذكير إيمانًا.
7- وتتحقق الخشية بالعلم، قال تعالى: ï´؟ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ï´¾ [فاطر: 28].
8- الشقاء مقرون بالإعراض عن ذكر الله وطاعته، وعاقبته نار تلظَّى.
9- مما يجب علمه والإيمان به أن عذاب الدنيا مهما بلغ لا يقارن بعذاب الآخرة، فقد وصفه الله هنا بالكبرى، وفي آية أخرى قال: ï´؟ إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ ï´¾ [الغاشية: 23، 24]، والمقارنة بينهما سبب للهلاك، ودليلٌ على ضعف الإيمان، قال تعالى: ï´؟ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ ï´¾ [العنكبوت: 10].
10- يكون الخلائق يوم القيامة على ثلاثة أصناف: الأول أهل الحياة السعيدة وهم الذين آمنوا بالله وما أنزل؛ قال تعالى: ï´؟ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ï´¾ [هود: 108]، والصنف الثاني أهل الشقاء وهم الذين أعرضوا عن ذكر ربهم، قال تعالى: ï´؟ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ï´¾ [هود: 106 - 107] والصنف الثالث بعض الخلائق من غير الجن والإنس يقتص الله من بعضهم لبعض ثم يقول لهم: كونوا ترابًا.
11- أن أعظم الجهل والسفه إيثار حظوظ الدنيا الفانية على حظوظ الآخرة التي هي خير وأبقى
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
keko_ferkekoالخميس مايو 02, 2024 6:32 pm