ابن النيل و الفرات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ابن النيل و الفراتدخول
مرحب شهر الصوم

العديد من الخدمات للمواقع و المنتديات


الأفارقة هم من بنوا الحضارة المصرية القديمة و الأهرامات!!

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد

26052023
الأفارقة هم من بنوا الحضارة المصرية القديمة و الأهرامات!!

ما هي الأفروسنتريك التي أشعلت زوبعة حول "كليوبترا السمراء"؟

الأفارقة هم من بنوا الحضارة المصرية القديمة و الأهرامات!! 8713e6a3-89d2-4cd5-91f3-422896446652_16x9_1200x676

بعد أيام من الجدل والانتقادات التي وجهت إلى منصة نتفليكس، جراء المسلسل الوثائقي حول "الملكة كليوبترا" التي تعتزم بثه قريباً، جاء الرد الرسمي أمس من قبل وزارة الآثار المصرية.
وقبل أيام قليلة أيضا تصدر اسم الإعلامي والكوميدي المصري (د. باسم يوسف) مواقع التواصل الاجتماعي بعد انتقاده للممثل الأميركي الشهير (كيفن هارت)، ونتفليكس، خلال مداخلة مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، رد فيها على الأزمة التي أثارتها نتفليكس بسبب "لون كليوباترا".
فردا على التصريحات المنسوبة للممثل من أصول إفريقية (كيفن هارت)، التي زعم فيها أن أجداده "بنوا الأهرامات" في مصر، قال (يوسف) "الأمر ليس مرتبطاً بأصحاب البشرة البيضاء أو السوداء، بل بعملية الخطف الثقافي وتزوير التاريخ التي يقوم بها أتباع المركزية الإفريقية- الأفروسنتريك".
أتى ذلك، بعد أن وجه العديد من المصريين على مواقع التواصل خلال الأسابيع الماضية، كذلك، انتقادات لاذعة لتلك الحركة، متهمينها بمحاولة خطف حضارتهم وتاريخهم، وتزوير الحقائق، والوقوف وراء عمل "الملكة كليوبترا" التي تجسد دورها ممثلة سمراء اللون.

فما هي تلك الحركة؟

تأسست الأفروسنتريك أو "الحركة المركزية الإفريقية " على يد الناشط الأميركي الإفريقي الأصل (موليفي أسانتي) في فترة الثمانينيات، من أجل تنمية الوعي حول الثقافة الإفريقية عبر التاريخ، وتسليط الضوء حول تلك الهوية وأهميتها لاسيما في الولايات المتحدة وأوروبا.
كما تحاول نشر الوعي حول كيفية هيمنة الأوروبيين على حضارة الأفارقة، عبر الاستعمار والعبودية. وتحث كل إفريقي أو متحدر من أصول إفريقية على تقدير أصوله وتنمية وعي ومعرفته بالحضارات الإفريقية التقليدية.
أما أكثر نظرياتها المثيرة للجدل، فزعمها أن التاريخ والثقافة الإفريقية انطلقت من مصر القديمة، التي شكلت مهد الحضارة العالمية.
إلا أن تلك الحركة تدعي أن إرثها سرق وتم حجب منجزاتها وتزويرها من قبل الأوروبيين والغربيين.
فأصل الحضارة المصرية بنظرها إفريقي دون سواه.
ولعل هذا ما يثير الجدل حولها، لا سيما أن التاريخ فضلا عن العديد من علماء الآثار وغيرهم، يؤكدون ألا صحة علمية لتلك الأفكار مطلقاً.
يشار إلى أن الجدل حول إنتاج نتفلكس لـ "كليوبترا" كانت أثير قبل أسابيع، بعد أن ظهرت صورة الممثلة الرئيسية لدور الملكة الفرعونية سمراء اللون، ما دفع العديد من المصريين إلى التساؤل حول السبب لاسيما أن العمل ليس مجرد فيلم سينمائي عادي، إنما وثائقي، وبالتالي يفترض أن يستند إلى وقائع علمية تاريخية.
فيما أكدت مصر أمس أن ظهور البطلة بهذه الهيئة يعد تزييفا للتاريخ المصري ومغالطة تاريخية صارخة لاسيما أن الفيلم مصنف كفيلم وثائقي وليس عملا دراميا، الأمر الذي يتعين على القائمين على صناعته ضرورة تحري الدقة والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية بما يضمن عدم تزييف تاريخ وحضارات الشعوب.


المصدر: موقع العربية نت
رابط التقرير الأصلي : هنا


لذيذ  Keep Calm & Be Professional  لذيذ

تعاليق

prox

«حركة تُشكّك في الحضارة المصرية».. من هم الأفروسنتريك؟

الأفارقة هم من بنوا الحضارة المصرية القديمة و الأهرامات!! 20230418120555935

الأفروسنتريك تسمى أيضًا الحركة المركزية الأفريقية، والحركة الثقافية والسياسية التي يعتبر أتباعها الأمريكيون من أصل أفريقي أنفسهم، وجميع السود الآخرين أفارقة توفيقيين ويعتقدون أن نظرتهم للعالم يجب أن تعكس القيم الأفريقية التقليدية بشكل إيجابي، وتم صياغة مصطلحات Afrocentrism، و Afrocentricity، و Afrocentricity في الثمانينيات من قبل الباحث والناشط الأمريكي من أصل أفريقي موليفي اشانتي.
إدعاءات الأفروسنتريك على الحضارة المصرية القديمة: 
هيمن الأوروبيون على الأفارقة وغيرهم من غير البيض، من خلال العبودية والاستعمار، من قبل الأوروبيين، وأن الثقافة الأوروبية في أفضل الأحوال غير ذات صلة - وفي أسوأ الأحوال تتعارض تمامًا - مع الجهود التي يبذلها غير الأوروبيين لتحقيق تقرير المصير، ولهذا السبب، ووفقًا لمذهب المنحدرين من أصل أفريقي، ويحارب الأفروسنتريك لكي يظهروا ذاتهم أمام العالم، حتى لو كلفهم الأمر أن يفتروا على التاريخ. 
وفقًا لادعاءات الأفروسنتريك، ويدعى الأفروسنتريك أن نشأتهم بدأت في مصر القديمة التي كانت مهد الحضارة العالمية، وتدعي تلك الطائفة أنهم ترأسوا مصر القديمة، ويدعون أن الأوروبيين سرقوا السجلات التاريخية التي تثبت ذلك، ويؤكد المنحدرون من أصل أفريقي أن الثقافة الأفريقية التقليدية تتناقض مع الثقافة الأوروبية في كونها أكثر استنارة بتاريخها ("دائري" بدلاً من "خطي") ؛ أكثر تعاونا أكثر سهولة وأكثر اندماجًا مع العالم الروحي للآلهة والأشباح. 
ويجادلون بأن الاهتمام المتجدد بهذه الثقافة يمكن أن يفيد الأمريكيين من أصل أفريقي نفسياً من خلال تذكيرهم بأن ثقافتهم الخاصة، والتي طالما قلل الأمريكيون من أصل أوروبي من قيمتها، لديها تراث غني وعريق، بالإضافة إلى التأكيد على الماضي، وتشجع Afrocentrism على الحفاظ على الثقافة الأمريكية الأفريقية المعاصرة والارتقاء بها كما يتجلى في اللغة والمطبخ والموسيقى والرقص والملابس.

تاريخ الحركة المركزية الأفريقية:

تأثرت الحركة المركزية الأفريقية بالعديد من الحركات القومية السوداء السابقة، بما في ذلك الاثيوبية والوحدة الأفريقية، وأصبح الأخير حضوراً رئيسياً في الولايات المتحدة وأماكن أخرى مع ظهور الناشط الجامايكي ماركوس غارفي، الذي روج لفكرة الشتات الأفريقي ودعا إلى دولة أفريقية منفصلة للأمريكيين السود. 
وكان عدو غارفي اللدود ، WEB Du Bois، الذي ساعد في تأسيس الجمعية الوطنية ذات العقلية التكاملية لتقدم الملونين في عام 1909، مهتمًا أيضًا بالوحدة الأفريقية ونظم مؤتمرات عالمية حول هذا الموضوع من عام 1919 إلى عام 1927.
 ومن بين السوابق الأخرى الحركة الزنوجية الأدبية، انطلقت في فرنسا في ثلاثينيات القرن الماضي من قبل المثقفين الفرانكوفونيين الأفارقة مثل ليوبولد سنغور، وأمة الإسلام، التي كان قادتها - بمن فيهم إيليا محمد ومالكولم إكس - يسعون ليس فقط إلى الحاجة إلى وطن للسود ولكن أيضًا للتفوق الثقافي والجيني للسود.
على قدم المساواة مع Afrocentrism كانت شخصيات مثل الباحث الأمريكي الأفريقيمولانا كارينجا، الذي أدى عمله إلى إنشاء عطلة أفريقية في كوانزا في عام 1966؛ العالم السنغالي الشيخ أنتا ديوب، الذي كتب عن الوحدة الثقافية لأفريقيا، والطبيعة الأفريقية للحضارة المصرية، و "سرقة" الحضارة الأفريقية من قبل الأوروبيين؛ والمؤرخ الأمريكي الأفريقيكارتر جي وودسون، الذي شدد على تدريس التاريخ الأفريقي كطريقة للتصدي لمشاعر الدونية التي غُرست في الأمريكيين السود عبر قرون من التبعية من قبل البيض.
واكتسبت النزعة المركزية الأفريقية شرعية كبيرة في الولايات المتحدة منذ الستينيات نتيجة لحركة الحقوق المدنية، والحركة متعددة الثقافات، وهجرة أعداد كبيرة من غير البيض، ازداد اتباعها بشكل كبير خلال الثمانينيات، عندما شعر العديد من الأمريكيين الأفارقة بالغربة عن "الثورة المحافظة" للرئيس رونالد ريغان، لكنهم في الوقت نفسه انجذبوا إلى دعوة المحافظين للعودة إلى القيم التقليدية، إن رد الفعل المعقد للأفروسينتريين على النهضة المحافظة انعكس وعزز على حد سواء العناصر المحافظة في التفكير الأفريقي المركزي.

نقد العالم لحركة الأفروسنتريك: 

تم تحديد الإدعاءات المركزية للفلسفة الأفريقية بشكل بارز في كتاب مثير للجدل، أثينا السوداء: الجذور الأفروآسيوية للحضارة الكلاسيكية، 2 المجلد، (1987-1991) لمؤرخ أبيضمارتن برنال. 
ومنذ ذلك الوقت، واجهت Afrocentrism معارضة كبيرة من العلماء العاديين الذين اتهموها بعدم الدقة التاريخية، وعدم الكفاءة العلمية، والعنصرية في كتابه اليس خارج إفريقيا: كيف أصبحت المركزية الأفريقية ذريعة لتدريس الأسطورة كتاريخ (1996)، الكلاسيكي الأمريكي، وحاولت ماري ليفكوويتز دحض معظم التأكيدات التي أدلى بها برنال وديوب وآخرين.
الخلافات العامة بين Lefkowitz و Afrocentrist، خلق توني مارتن صراعًا بين المثقفين السود واليهود وجعل الأفروسينية عرضة لاتهامات بمعاداة السامية، وجادل النقاد كذلك بأن البحث عن القيم الأفريقية الحصرية يقترب أحيانًا بشكل خطير من إعادة إنتاج الصور النمطية العنصرية، ويؤكد اتباع الحركة على أن المركزية الأفريقية تظل وجهة نظر قيمة للعالم ومحفزًا للنشاط الثقافي والسياسي للأمريكيين الأفارقة.

بقلم : أمنية شاكر
المصدر : بوابة أخبار اليوم
رابط المقال الأصلي : هنا
prox

تفكيك المركزية الأفريقية.. أكذوبة كيميت أرض الميعاد السوداء

الأفارقة هم من بنوا الحضارة المصرية القديمة و الأهرامات!! Image1-32

يرى أبرز فلاسفة ومفكري الغرب أن الإنسان الغربي يمتلك مقومات ثقافية وفكرية وحضارية تجعله متفوقًا على الإنسان الشرقي. وتُعد هذه الفكرة ركنًا أساسيًا في الفكر الغربي، وتعود إرهاصاتها إلى مرحلة عصر النهضة في أوروبا. ففي ذاك الوقت، قرر الفلاسفة أن أوروبا هي أم الحضارات والتقدم والعلوم والفلسفة والفكر، وهمّشوا في كتاباتهم إسهامات الحضارة المصرية القديمة وحضارات الشرق القديم، ونظروا إليها بوصفها مرحلة بدائية اندثرت.

وبرزت فكرة النظر إلى شعوب أفريقيا وآسيا على أنها في منزلة أدنى من البشر ويمكن التعامل مع أبنائها بوصفهم كائنات لم تصل في سلم الارتقاء البشري إلى ما وصل إليه باقي البشر.

المركزية الأوروبية والحركة الصهيونية

أُطلق على هذه الفكرة اسم نظرية “المركزية الأوروبية” التي تنص على أن الحضارتين اليونانية والرومانية هما أول حضارات حقيقية سعت إلى رفعة الإنسان والسمو بطريقة تفكيره. وكانت “المركزية الأوروبية” وما تحمله من أن الإنسان في الشرق أقل منزلة من نظيره الغربي الظهير الفلسفي للاستعمار الغربي للقارتين الأفريقية والآسيوية.
وبينما لم يفكر كاتب أو مفكر أو مؤرخ شرقي أو مصري واحد في الرد على أيديولوجيا “المركزية الأوروبية” وما تقوم به من حرب إلغاء وإبادة ثقافية وتاريخية وأثرية للحضارة المصرية القديمة العمود الفقري لتاريخ الأمة والدولة المصرية، فإن الغرب شهد العديد من الكتابات النقدية لفكرة المركزية المصرية، خاصة فيما يتعلق بالدور المصري ليس في البدء بالتاريخ الإنساني فحسب، ولكن أيضًا أن الحضارتين اليونانية والرومانية قد نهلت واغترفت واقتبست علومها وثقافتها وأنظمتها السياسية وفلسفتها بل وحتى بعض اللغات والأديان من الحضارة المصرية القديمة.
وتُعد الأيديولوجيا الصهيونية من آخر منتجات المركزية الأوروبية، التي قل ذكرها أو نفوذها في المختبرات الأيديولوجية الغربية، مقابل صعود أيديولوجيا الأمركة ثم العولمة الأمريكية في القرن العشرين، وإن ظلت المركزية الأوروبية إحدى مرجعيات الفكر الغربي عمومًا بما في ذلك العولمة الأمريكية في نسختها الأولى.
وحينما صنع الغرب الحركة الصهيونية بوصفها ممثل “اليهودية السياسية” والجناح اليهودي للنظام العالمي، استثمر الغرب “المظلومية اليهودية التاريخية” التي تمثلت في قيام الدول الأوروبية بتهجير وتنكيل وقتل يهود أوروبا وروسيا في مناسبات عديدة على مدار مئات السنوات، وأنه حان الوقت للغرب بأن يكفر عن خطيئته حيال اليهود، وذلك عبر مساعدتهم بالعودة إلى أرض الميعاد في فلسطين، وتأسيس دولة إسرائيل.
بينما يصدر ملوك أوروبا وباباوات روما فرمانات الطرد واحدًا تلو الآخر عبر ألف عام، كانت الدولة الإسلامية في الأندلس ومصر والشام وحتى الدولة العثمانية والعراق تستضيف اليهود الهاربين من أوروبا، ويلتحمون مع يهود الشرق. وبينما كانت الحملة الصليبية الألمانية تقوم بتعميد اليهود قسرًا في مياه نهر الراين لاعتناق الكاثوليكية، كان اليهود في مصر مستشارين في بلاط الحاكم، وصولًا إلى أن أهم مستشار لحاكم مصر صلاح الدين الايوبي هو اليهودي موسي بن ميمون.
ومن أجل ضرب تلك العلاقات التاريخية، خصوصًا أن الغرب كان يستعد نهاية القرن التاسع عشر إلى مارثون طويل من استعمار الشرق الأوسط على ضوء أفول الدولة العثمانية، كان يجب زرع حاجز ديموغرافي بين ضفتي إمبراطورية الشرق التي طالما هزمت الغرب، أي قطع الاتصال بين مصر من جهة، والشام والأناضول من جهة أخرى.
ولم يكن ذلك يحدث إلا عبر زراعة شعب وقومية مصطنعة في منطقة وسطية بين الضفتين، وهكذا تم صناعة الحركة الصهيونية وادعاء أن يهود روسيا وأوروبا وأمريكا أبناء قبائل التتار الخزر، واليهود هم أبناء القبائل الإسرائيلية القديمة التي أبادها الأوروبيون على مدار مئات السنين منذ الحكم اليوناني للشام وصولًا إلى الحملة الألمانية الصليبية.
هكذا نفذ الجلاد الغربي القصاص لليهود عبر إحياء فكرة أرض الميعاد وطمس القومية الفلسطينية بقيام دولة إسرائيل، بدلًا من أن يقوم الجلاد الغربي بمحاكمة ذاتية، إلا أن الموضوع برمته كان استغلالًا وتسييسًا للمظلومية اليهودية التي لم يتسبب بها شعوب الشرق بل إن الشعوب الغربية هي التي حملت –وحتى اليوم بنسب متفاوتة- تطرفًا بغيضًا حيال اليهود، ومارست القتل الممنهج والإقصاء بحقهم، ولفظهم إلى أقب “جيتو” في تطرف ديني وقومي حاولوا لاحقًا تصديره ونسبه إلى شعوب المشرق.

أفارقة الإمبريالية الغربية.. سود القارة الأمريكية

وللمفارقة فإنه وبينما تصنع أوروبا الحركة الصهيونية أواخر القرن التاسع عشر من أجل صناعة “يهود موالين للنظام العالمي” بعيدًا عن اليهود المدركين لأن معركة تمكين اليهود سياسيًا يجب أن تكون في الأمم الأوروبية التي نبذتهم، فإن دوائر غربية أخرى في الولايات المتحدة كانت تسعي منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى تأسيس طائفة عرقية من “السود الموالين للنظام العالمي والحكومة الأمريكية البيضاء”. وهي فكرة راحت أهميتها تتضخم لدى شبكات المصالح الغربية التي تدير النظام العالمي؛ لتكون هناك “نخب سوداء” قادرة على استكمال دور “النخب البيضاء” متى تم الاحتياج إليها.
المثقفون الأمريكيون من أصول أفريقية أو ما يطلق عليه عرقية “الأفريكان أمريكان” ابتكروا في نهاية القرن التاسع عشر نظرية المركزية الأفريقية (Afrocentrism, Afrocentricity) والتي تعد في واقع الأمر مجرد نسخة سوداء من المركزية الأوروبية البيضاء، كليهما يعمل على سيادة الغرب ضد الشرق وضد أفريقيا وآسيا على وجه التحديد.
تحاول المركزية الأفريقية أو الفاشية السوداء نسب كل علوم العالم إلى الشعب الأفريقي الذي عاش واستوطن مصر بدلًا من شعبها البدائي الهمجي، وأن هذا الشعب الأفريقي هو صاحب الحضارة المصرية القديمة، ولكن عقب ذلك جرى الغزو اليوناني والروماني والعربي والإسلامي ما جعل الشعب الأفريقي –المصري الأصلي– يهرب من مصر إلى أفريقيا والعالم، بينما الشعب الموجود في مصر اليوم هو أبناء المستعمرين لمصر. مع الحديث عن أن الغرب يخفي أسرارًا علمية حول الأصول الأفريقية للحضارة المصرية من أجل إخفاء تفوق الرجل الأفريقي الأسود على الرجل الأوروبي الأبيض.
إن الملاحظ هنا هو مدى التشابه بين خطوات تصنيع “يهود العولمة” و”سود العولمة” أو “أفارقة العولمة”، ففي الحالتين كان الجلاد هو الذي يصنع نسخة من الضحية موالية له. أوروبا التي ذبحت اليهود وأمريكا التي استعبدت السود، كلاهما وظف مظلومية حقيقية يعرفها كل من قرأ تاريخ اليهود في أوروبا أو السود في أمريكا. كلاهما استهدف دولة في الشرق الأوسط وادعى أن لها شعبًا أصليًا واسمًا قديمًا.
أوروبا نصت أن يهود الشتات هم سكان فلسطين الأصليين، وأن اسمها الحقيقي هو إسرائيل. وأمريكا نصت أن سود الشتات هم سكان مصر الأصليين وأن اسمها الحقيقي هو كيميت. كلاهما ينادى بعودة أهل الشتات إلى أرض الميعاد. المركزية الأوروبية دعمت الشتات اليهودي بالعودة إلى أرض الميعاد في الشام، والمركزية الأفريقية تنادي بعودة الشتات الأفريقي إلى أرض الميعاد في مصر.
تم توظيف الأصول المصرية للحضارة اليونانية والرومانية بوصفها “الأصول الأفريقية لأوروبا والمركزية الأوروبية” و”الأصول الأفريقية للحضارة المصرية واليونانية والرومانية”. وحينما تم نشر تلك الأصول في كتاب ضخم في أمريكا حمل عنوان “أثينا السوداء” وليس “أثينا المصرية”، في إشارة إلى الأصول السوداء وليس المصرية لحضارة أثينا.
وحتى المؤرخ الأمريكي بيتر جران رغم نقده للمركزية الأوروبية إلا أنه حينما نشر أبحاثه حول الأصول المصرية للثورة الصناعية والرأسمالية، ذكر أنها أصول “إسلامية” ولم يقل مصرية؛ إذ كان ذكر القومية المصرية أو “الأصول المصرية” لأي شيء هو أمر محرم في المحافل الأكاديمية والبحثية الأمريكية.
إن اقناع شعب كامل من شعوب الولايات المتحدة الأمريكية هو قومية “الأفريكان أمريكان” بأنه الساكن الأصلي القديم لمصر هو حرب باردة ثقافية في منتهى الخطورة، خصوصًا حينما يصبح لهذه الأيديولوجيا رواج بين “الأفارقة الأوروبيين” أو جيراننا السود في القارة الأفريقية.
ويكفي أن نرى حملات إلكترونية جرت خلال عام 2020 تطالب بأنه يجب هدم الأهرامات المصرية وكافة الآثار المصرية القديمة لأنها بُنيت على يد العبيد اليهود، تمامًا كما تم هدم تماثيل تجار العبيد في أوروبا خلال عام 2020، لكي نفهم أن هنالك “أيديولوجيا استعمارية” كاملة تم إعدادها لإبادة القومية المصرية والحضارة المصرية القديمة ثقافيًا ثم عمليًا على الأرض، عبر استعداء الشعوب السوداء سواء في القارة الأفريقية أو العرقيات السوداء الهجينة في أوروبا وأمريكا ضد مصر.

نقد المركزية الأفريقية

المؤرخ الأمريكي كلارنس والكر Clarence E. Walker أشار إلى أن المركزية الأفريقية ما هي إلا نسخة سوداء من المركزية الأوروبية بنفس التطرف العرقي Eurocentrism in blackface وتستند إلى أساطير رجعية وعنصرية بلا سند تاريخي أو علمي واحد، ولا تعترف بالتعددية الثقافية تمامًا كما فعلت المركزية الأوروبية. كذا المؤرخ الغاني كوامي انتوني أبياه Kwame Anthony Appiah الذي كتب أن المركزية الأفريقية تسعى إلى استبدال المركزية الأوروبية بنفس المنهج العرقي والهرمي والاستعلاء القومي.
إن الولايات المتحدة الأمريكية ولاحقًا فرنسا وبلجيكا تحاول علاج الأزمة الديموغرافية التي جرت على أراضيهم باستقبال أعداد من المهاجرين السود، حتى أصبح هؤلاء هم الأغلبية المستقبلية لتلك الدول. ويأتي العلاج بادعاء وجود “الوطن الأم” أو “عمق تاريخي وأصلي” يجب البحث عنه بالعودة إلى أفريقيا. وكما تخلصت أوروبا من اليهود عبر إرسالهم إلى فلسطين فإن المخطط الذي يلوح في الأفق هو العمل على إضعاف مصر واستيطانها بالسود العائدين إلى “كيميت” من أمريكا وأوروبا.
المؤرخ يعقوب شافيت Yaacov Shavit يقول إن ما يجرى هو “محاولة لكتابة تاريخ البشرية بشكل شامل من وجهة نظر “الأفرو أمريكان”، أما العالم الأنثروبولوجي والمؤرخ الأمريكي مانينج مارابل Manning Marable فقد كتب: “كانت النزعة الأفرو مركزية الشعبوية هي النظرية الاجتماعية المثالية للبرجوازية الصغيرة السوداء المتحركة صعودًا. لقد منحهم إحساسًا بالتفوق العرقي والأصالة الثقافية، دون الحاجة إلى الدراسة الجادة والنقدية للحقائق التاريخية. لقد قدمت مخططًا فلسفيًا لتجنب الصراع الملموس داخل العالم الحقيقي”.

الملك سنوسرت الثالث قاهر المركزية الأفريقية

إن تاريخ الملك المصري سنوسرت الثالث أحد ملوك الأسرة الثانية عشر من الدولة المصرية الوسطى والذي حكم مصر قرابة الأربع عقود من الزمان يرد بجلاء على نظريات المركزية الأفريقية، وهو الملك الذي غزا معاقل القبائل الأفريقية على حدود مصر الجنوبية لتأمين منابع نهر النيل، وزحف إلى آسيا من أجل تأديب بدو آسيا الذين دأبوا على الإغارة على الحاميات العسكرية المصرية في شبه جزيرة سيناء. وأقام أيضًا قلعة مصرية في ساحل الشام أو لبنان كما نعرفه اليوم وكما أطلق عليه قدماء اليونان بلاد فينقيا.
وتكمن أهمية تلك السنوات، في نص مكتوب على لوحة “الحدود الخالدة” يقول:
لقد جعلت تخوم بلادي أبعد مما وصل إليه أجدادي، ولقد زِدت في مساحة بلادي على ما ورثته، وإني ملك يقول وينفذ، وما يختلج في صدري تفعله يدي، وإني طموح إلى السيطرة، وقوي لأحرز الفوز، ولست بالرجل الذي يرضى لبه بالتقاعس عندما يعتدَى عليه، أهاجم من يهاجمني حسب ما تقتضيه الأحوال، وإن الرجل الذي يركن إلى الدعة بعد الهجوم عليه يقوِّي قلب العدوِّ، والشجاعة هي مضاء العزيمة، والجبن هو التخاذل، وإن من يرتد وهو على الحدود جبان حقٍّا. ولما كان الأسود يحكم بكلمة تخرج من الفم، فإن الجواب الحاسم يردعه، وعندما يكون الإنسان ماضي العزيمة في وجهه الأسود فإنه يولي مدبرًا؛ أما إذا تخاذل أمامه فإنه يأخذ في مهاجمته.
وفى بردية تحمل اسم الملك يقول:
إن السود ليسوا بقوم أشداء ولكنهم فقراء كسيرو القلب، ولقد رآهم جلالتي، وإني لست بخاطئ في تقديري، ولقد أسرت نساءهم، وسُقت رعاياهم، واقتحمت آبارهم، وذبحت ثيرانهم، وحصدت زرعهم؛ وأشعلت النار فيما تبقى منها. وبحياتي وحياة والدي لم أنطق إلا صدقًا، دون أن تخرج من فمي فرية. وكل ولد أنجبه ويحافظ على هذه الحدود التي وصل إليها جلالتي يكون ابني، وولد جلالتي، وألحِقه بنسبي، وإن من يحافظ على تخوم الذي أنجبه يكون منتقمًا لأبيه حقًّا، أما من يتخلى عنها، ولا يحارب دفاعًا عن سلامتها فليس ابني ولم يولد من ظهري.
وفى جنوب مصر، نصب الملك تمثالين بطول عشرين مترًا ما يعد أول ظهور لتماثيل بهذا الطول في تاريخ مصر. وكان الغرض من التماثيل بحسب اللوحات المرافقة هو تخويف شعوب الجنوب من محاولة العدوان على الحدود الجنوبية، وقد وُجد على إحدى لوحات التمثالين نص يقول: “لكي يمنع أي زنجي من أن يعبرها عن طريق البر أو النهر على قارب أو على قطعانه من الماشية، إلا عبر تصريح خاص”.
سنوسرت الثالث أول من حفر قناة تربط البحرين الأبيض والأحمر، فاتح سوريا ولبنان وفلسطين كما نعرفهم اليوم، يوضح في آثار عصره أن “قدماء المصريين” نظروا إلى الأفارقة بوصفهم “الأسود” و”السود” و”الزنجي”، ما يعني عمليًا أن المصريين وقتذاك لم يكونوا سود البشرة، وإلا لما كانت تلك الملحوظة أو المسمى الذي يطلقه المصريون على قبائل الحدود الجنوبية.
إن الادعاءات بان مصر اسمها كيميت، أو أن النوبة أو شعب أفريقيا هو أصل الحضارة المصرية هي سلسلة ادعاءات أمريكية من أجل تضميد جراح الانقسام العرقي في المجتمع الأمريكي، ومن أجل إنتاج الفاشية السوداء التي سوف تكمل مهام الفاشية البيضاء في المشروع الأمريكي والعالمي.

بقلم الباحث السياسي : إيهاب عمر
المصدر : المرصد المصري
الرابط الأصلي للمقال : هنا
prox

«المركزية المصرية» والأفروسنتريك


هل مواجهة «المركزية الأفريقية» حقًا انسحاق حضاري أمام «المركزية الأوروبية»؟، وهل ندور فعلًا في صراع أحد طرفيه «المركزية الأوروبية» ممثلة للاستعمار، والآخر يمثل «المركزية الأفريقية» التي تمثل «رد فعل على الاستعمار» من وجهة نظر صاحب هذه الرؤية؟، في هذه الحالة نكون مضطرين، أخلاقيًا، للانحياز للطرف الأخير على اعتبار أنه نشأ في الأساس في مواجهة نظرية استعمارية، وهنا نكون قد أغفلنا أن «المركزية الأفريقية» في حد ذاتها هي فكر استعماري هو الآخر، يسرق الحضارات من أصحابها ويمنحها على طبق من ذهب لآخرين لمجرد لون بشرتهم، تمامًا كما سرق الصهاينة أرض فلسطين من أصحابها ومنحوها لـ«يهود مساكين» من كل مكان حول العالم!.
في الحقيقة أن التصدي للمركزية الأفريقية لا يعني بأي حال من الأحوال أي انسحاق أمام «المركزية الأوروبية»، وإنما هو بكل بساطة دفاع عن الهوية الوطنية المصرية. وفي الحقيقة أيضًا أنه إن كان يليق بأحد أن يطلق نظرية ثقافية حضارية يدعي من خلالها أنه صاحب الفضل على حضارات العالم، وأنه صاحب أقدم حضارة عرفتها البشرية، فالمصريون هم أولى الناس بهذا الأمر، ناهيك عن أن المصريين ليسوا بحاجة لا للادعاء ولا للتلفيق ولا للتدليس ولا لسرقة حضارات. الحقيقة كذلك أن العلم والعالم يعترفان للمصريين بهذا الحق التاريخي، وهذا التميز والتفرد، حتى إنه ما من أمة يوجد علم يدرس باسمها في كافة جامعات العالم سوى الأمة المصرية.

لست في حاجة لدفاع عن مركزية أوروبية أو أفريقية ولا انسحاق أمام إحداهما أو كلتاهما، لأننا ندرك جيدًا أننا أبناء حضارة وأمة عظيمة ولسنا لصوص حضارات. وإن كانت هناك مركزية يجب أن ندافع عنها ستكون لا ريب «المركزية المصرية»، لأننا ببساطة لا ننحاز لغيرها، ولأننا ندرك جيدًا فضل هذه الأمة على العالم أجمع في العلوم والفنون والطب والهندسة، ولأننا ندرك جيدًا كما يدرك العالم بأكمله أن في مصر بدأ كل شيء، ولولا البدايات التي كانت في مصر، ما كان لحضارات العالم أن تأخذ عن مصر علومها وفنونها وحتى دينها، وأن تبني وتطور من نفسها، وأن تستمر كمنتج إنساني نعتز به طالما لم يسع لسرقة تاريخنا.

لسنا في حاجة لانسحاق أمام مركزية لأننا بالفعل نعرف هويتنا جيدًا، والأمر لا يقتصر على «كاني» و«ماني»، كما قرأت في مقال مؤخرًا، للصديق الذي أكن له كل احترام وتقدير، النائب رامي جلال عامر، عضو مجلس الشيوخ، وإنما هناك بدلًا من الكلمة آلاف الكلمات والمصطلحات المصرية القديمة، التي مازلنا نستخدمها حتى اليوم، بل أقول إن هناك مثلها موجود بالفعل في اللغة العربية ولهجات الدول المحيطة بنا، نتيجة تأثير مصر الثقافي لآلاف السنين، حتى قبل أن يكون العرب عربًا. لن أخوض في سرديات دينية أن السيدة التي ربت إسماعيل أبوالعرب مصرية، ربته قطعًا بلسانها المصري، ولكن أقول إن المصريين كانوا دومًا مهتمون بنشر لغتهم وثقافتهم، في الأراضي التي يسيطرون عليها، بل كانوا يعلمون أبناء ملوك هذه المناطق التي خضعت للجيش المصري في مدارسهم ثم يعيدونهم لحكم بلادهم مرة أخرى ولكن بثقافة مصرية.

لم تكن مصر معزولة عن محيطها تاريخيًا (ولا يجب لها أن تكون)، بل كانت دائمة التأثير في هذا المحيط، ولسنا ببعيدين عن قرار مجمع اللغة العربية قبل شهور بإجازة استخدام بعض الكلمات المصرية في اللغة العربية الفصحى، وقطعًا سنجد بعد سنوات من ينزع الأصل المصري عن هذه الكلمات، وينسبها للغة العربية، بل ويستدل بها أن المصريين لا يتحدثون لغتهم وإنما يتحدثون العربية!، تمامًا كما حدث مع آلاف الكلمات من قبل.

والحقيقة أن الأمر لا يتوقف على الحصيلة اللغوية التي مازال الشعب المصري يحتفظ بها من لغته المصرية، ولا حتى عدد المصطلحات والكلمات والتأثير اللغوي الذي قام به المصريون في لغات ولهجات المجتمعات والشعوب المحيطة، وخاصة اللغة العربية، ولا حتى قواعد اللغة التي يستخدمها المصري حتى اليوم في كلامه اليومي، وهي بالمناسبة مختلفة عن قواعد اللغة العربية، فالجملة في اللغة المصرية على سبيل المثال هى جملة اسمية في الأساس وليست فعلية كما في قواعد اللغة العربية.

وبعيدًا عن كل هذا فالمصريون، وخاصة الفلاحين، مازالوا ينظمون حياتهم بالتقويم المصري، فيعرفون من خلاله متى يزرعون ومتى يحصدون وماذا يلبسون وكيف يتعاملون مع الطقس وغيره، أي أن المصري مازال ينظم حياته كما كان ينظمها قبل آلاف الأعوام، ولم يحدث أي انقطاع في هذا الشأن رغم الاحتلالات المتكررة. والحقيقة أن ثمة تقصير من الدولة المصرية في هذا الشأن، فلا يليق أن يبقى التقويم المصري غير رسمي، ومحفوظا في الصدور، رغم أنه التقويم القومي وأول تقويم عرفته البشرية!.

لم ينفصل المصري عن حضارته حتى في التدين، ولن أبالغ إذا قلت إن المصري مازال يتعبد بطريقته المصرية التي لم يفهمها الآخرون فاتهموه بالوثنية. ولن أبالغ أيضًا إذا قلت إن التدين المصري أصبح مدرسة عالمية، فالمصري الذي قدس النتر (الذي ترجموه باسم إله) ولم يعبده كما يشيعون، قدس كذلك القديسين في المسيحية ووضع أسس وأصول الرهبنة، وقدس كذلك الأولياء في الإسلام ووضع أسس وأصول فلسفة التصوف، ومن مصر انتقلت المدرستان لكل العالم.

كذلك نظر المصريون لأعاجيب القديسين وكرامات الأولياء نفس نظرتهم للنتر فجعلوا هذا القديس لشفاعة معينة وذاك الولي لكرامة ما. وكما كان لكل إقليم جغرافي نتر، فإن القديسين والأولياء كذلك، فتشتهر كل مدينة أو محافظة بقديس أو ولي تمامًا كما كانت تشتهر قبل ذلك بأحد النترو. وتقام لهم الموالد لا فرق فيها وفي طقوسها بين إسلامي ومسيحي، لأنها تقام بنفس الطقوس تقريبًا التي كانت تقام بها موالد أو احتفالات النترو في عهد أجدادنا.

التمسك بالهوية لا يمكن أن يطلق عليه «العودة للفرعونية»، لأن هذه الرؤية في حد ذاتها قائمة على فكرة أن هناك انقطاعا تاما بين هذه المرحلة من عمر الأمة المصرية وما تلاها من مراحل، بل وقد تفترض أن من تسميهم «الفراعنة» كانوا شعبًا آخر غير شعبنا. وهو افتراض يسهل في الحقيقة ادعاءات الأفروسنتريك، فإذا كانت الفرعونية مرحلة منفصلة في تاريخ مصر، فلماذا لا يكون الادعاء أن المصريين الحاليين لا علاقة لهم بها، وأن من عاش هذه الفترة وبنى هذه الحضارة هم «الأفارقة الزنوج» الذين تقوم عليهم وعلى ادعاءات تفوقهم فكرة المركزية الأفريقية، تمامًا كما قامت النازية على ادعاءات «تفوق الجنس الآري»، وكما قامت الصهيونية على ادعاءات «التفوق اليهودي».

الهوية المصرية إذن ليست مجرد مرحلة في تاريخ الأمة المصرية، لكن هذه المرحلة المشار إليها تحديدًا لها خصوصيتها، فالمصري استطاع فيها أن يصيغ هويته الخاصة وحضارته التي نشأت متأثرة فقط بثقافته هو وبيئته هو، فكانت كل عناصرها مصرية تمامًا، أما المراحل اللاحقة التي عرفت فيها مصر استعمارًا ممتدًا، فكانت مرحلة يسعى فيها المصري طوال الوقت للحفاظ على هويته والدفاع عنها، واستطاع خلالها أن يؤثر في الآخرين وتأثر هو الآخر بهم، لكنه نجح في تمصير وهضم كل من حاول ابتلاعه بمخزونه الحضاري العميق.

ولا نقول بهذا إننا وصلنا اليوم بعد كل هذه المرحلة الطويلة بالمصري دون أي شوائب ثقافية متعارضة مع هويته، بل بالعكس هناك من الشوائب ما يجعلنا نسعى طوال الوقت للدفاع عن هويتنا الوطنية من أجل التخلص منها، وأهم هذه الشوائب هي التطرف!.

لم يعرف المصري القديم التطرف على مدار تاريخه تقريبًا. لم يحارب إقليم آخر من أجل أن يقدس النتر الذي يقدسه، ولم يرى أتباع نتر أنهم في الجنة وأن أتباع النتر الآخر في النار. وبالمناسبة لم يهتم المصري تقريبًا على الإطلاق بنشر ديانته في أي إقليم يسيطر عليه خارج الحدود المصرية. كان مهتما بنشر ثقافته فيقيم معبدا يتعبد فيه بديانته، لكنه لا يتدخل في عقائد الآخرين ولا يجبرهم على عقيدته.

ثقافة التطرف دخيلة إذن على الهوية المصرية، وبالمناسبة عانى منها المصريون كثيرًا قبل أن تصبح ثقافة منتشرة فيما بينهم، والحقيقة أن جزءا من معركة الوعي والهوية المصرية يستهدف مواجهة هذا التطرف الذي عانى منه شعبنا كثيرًا، ودفع ثمنه من دم أبنائه، كونه مكونا دخيلا على هذه الشخصية.

التمسك بالهوية المصرية إذن ليس أمرًا من قبيل الرفاهية، وإنما لأن الهوية الوطنية هي القاعدة الصلبة لبناء الدولة الوطنية القوية، التي لن تبنى بسواعد مرتعشة أو مهزومة ثقافيًا وحضاريًا أمام ثقافات وحضارات أخرى واتباع أيديولوجيات تنسب لنفسها حضارات غيرها. الدولة الوطنية القوية لن يبنيها إلا مصريون وطنيون مؤمنون بتاريخهم ونضال أمتهم وبحضارتهم وأنهم أبناء الأمة المصرية العظيمة التي نشأت على ضفاف النيل ولا ينظرون لأجدادهم وكأنهم كانوا شعبًا آخر. الدولة الوطنية القوية لن يبنيها منسحقون أمام المركزية الأوروبية ولا الأفريقية ولا الأمريكية ولا غيرها، لأنه إذا كانت هناك مركزية في الفكر المصري فيجب أن تكون «المركزية المصرية» وفقط.

الخميس 20-04-2023
بقلم : أحمد بلال
المصدر : جريدة المصري اليوم
رابط المقال الأصلي : هنا
prox

الأفروسنترية: ما هي المركزية الأفريقية، ولماذا تتهم بمحاولة السطو على الحضارة المصرية القديمة؟


22 فبراير/ شباط 2023
أثارت شبكة نتفليكس الجدل بعد طرحها الإعلان الترويجي لفيلم وثائقي جديد يتناول حياة آخر فراعنة مصر "الملكة كليوباترا" ومن المقرر أن يتم عرضه في العاشر من مايو/أيار والسبب إظهار الملكة الفرعونية من أصول مقدونية، ببشرة سوداء وشعر مجعد.
اتهم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في مصر، المنصة العالمية بتشويه وتزوير المعطيات التاريخية الثابتة، واعتبر البعض أنها تحاول طمس الهوية الفرعونية المصرية.
عالمة الآثار المصرية مونيكا حنّا تقول إن محاولات السطو على الحضارة المصرية لا تقتصر على المركزية الأفريقية وحسب.

تقرير: آية هاشم
المصدر: بي بي سي العربية
رابط التقرير الأصلي و الفيديو : هنا
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد
remove_circleمواضيع مماثلة
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى