إنّ أعذب الشعر هو ما رددته الألسنة ، وشنفت به الآذان ، واستحضرته الأفئدة .
وهذا جمعمن ابات شعريةسارت بها الركبان ، فهي كالأمثال شهرة ، وكالنجوم بهاءً وظهوراً ...
أنها باقة جميلة لحكمة شاردة ، وتجربة واعية ، ورأي سديد ، وقد أبدع المؤلف في انتقائها بما له من شاعريه مرهفة ، وعقل أديب ، ونفس تواقة للجميل من كل شيء .
إليكم هذه المقططفات ...
*يا قومُ أذني لبعض الحيَّ عاشقةٌ 000 والأذنُ تعشقُ قبل العين أحياناً !
*إن كان عندك يا زمان بقية 000 مهما يُهان بها الكرامُ فهاتِها
*وإذا المنية أنشبت أظفارها 000 ألفيت كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ!
*إذا ما خلوتَ الدهرَ يوماً فلا تقل 000 خلوت ولكن قُل عليَّ رقيبُ !
*دقاتُ قلبِ المرء قائلة له : 000 إن الحياةَ دقائقٌ وثواني !
*إن العيونَ التي في طرفها حَوَرٌ 000 قتلننا ثم لم يحيينَ قتلانا!
*أأذكرُ حاجتي أم قد كفاني 000 حياؤك إن شيمتك الحياءُ
*لا تعذل ِ المشتاقَ في أشواقه 000 حتى يكون حشاك في أحشائهِ
*من يَهُن يسهلِ الهوانُ عليه 000 ما لجرحٍ بميّتٍ إيلامُ
* إذا ضاقَ صدرُ عن سرَّ نفسه 000 فصدرُ الذي يستودعُ السرَّ أضيقُ
*أعللُ النفسَ بالآمال أرقبها 000 ما أضيق العيش لولا فسحةُ الأملِ
*وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً 000على المرء من وقعِ الحسامِ المهنَّدِ
*وكيف تُعِلُّك الدنيا بشيءٍ 000 وأنت لعَّلةِ الدنيا طبيبُ ؟!
*الصمتُ أجملُ بالفتى 000 من منطقٍ في غير حِينِه
*أعزُّ مكانٍ في الدنيا سرجُ سابحٍ 000 وخيرُ جليسٍ في الزمان كتابُ
احلامنا تزنُ الجبالَ رزانةً 000 وتخالنا جنّا إذا ما نجهلُ
بانت سعادُ فقلبي اليومَ مبتولُ 000 متيمٌ إثرها لم يفد مكبولُ
هو البحر من أي النواحي أتيته 000 فلجّته المعروفُ والجودُ ساحله
لا يسألون أخاهم حين يندبهم 000 في النائباتِ على ماقال برهانا
أأذكرُ حاجتي أم قد كفاني 000 حياؤك إن شيمتك الحياءُ
جودُ الرجالِ من الأيدي وجودهم 000 من اللسانِ فلا كانوا ولا الجودُ !
فما طالَ النومُ عمراً وما 000 قصّرَ في الأعمار طولُ السّهر
وما شرقي بالماء إلا تذكراً 000 لماءٍ به أهلُ الحبيبِ نزولُ !
قد يُدرك المتأني بعضَ حاجتِه 000 وقد يكونُ مع المستعجلِ الزلَلُ
تعوّد بسطَ الكفِّ حتى لو انه 000 أراد انقباضاً لم تُطعه أناملُه
قصيدة" ابتسم" لإيليا أبو ماضي
قال : " السماء كئيبة ! " وتجهما *** قلت : ابتسم يكفي التجهم في السما !
قال : الصبا ولى ! فقلت له : ابتسم *** لن يُرجع الأسفُ الصبا المتصرما !
قال : التي كانت سمائي في الهوى *** صارت لنفسي في الغرام جهنما
خانت عهودي بعدما ملكتُها *** قلبي ، فكيف أُطيقُ أن أتبسما !
قلتُ : ابتسم و اطرب فلو قارنتها *** قضيت عمرك كله متألما !
قال : التجارة في صراع هائل *** مثل المسافر كاد يقتلهُ الظمَا
أو غادةٍ مسلولةٍ محتاجةٍ *** لدم ، وتنفث كلما لهثت دما !
قلت : ابتسم ما أنت جالب دائها *** وشفائها ، فإذا ابتسمت فربما ...
أيكونُ غيركَ مجرماً ، و تبتُ في *** وجَلٍ كأنك أنتَ صرتَ المُجرما ؟
قال : العِدى حولي عَلَت صيحاتُهُم *** أَأُسَرُّ و الأعداءُ حولي في الحِمى ؟
قلتُ : ابتسم ، لم يطلبوك بذمهم *** لو لم تَكُن منهم أجلَّ و أعظما !
قال : المواسمُ قد بَدَت أعلامُها *** وتعرَّضت لي في الملابس و الدُّمي
وعليَّ للأحباب فرضُ لازمُ *** لكنّ كفِّي ليس تملكٌ درهما
قلتٌ : ابتسم ، يكفيكَ أنك لم تزل *** حيًّ ، و لست من الأحبَّةِ مُعدما !
قال : الليالي جرَّعتني علقماً *** قلتٌ : ابتسم و لئن جرعتَ العلقما
فلعلَّ غيرَكَ إن رآكَ مرنِّماً *** طَرَحَ الكآبةَ جانباً و ترنَّما
أَتُراكَ تغنمُ بالتبُّرم درهماً *** أم أنتَ تخسرٌ بالبشاشةِ مغنما ؟
يا صاح ، لا خَطَرُ على شَفتيك أن *** تتثلَّما ، و الوجهِ أن يتحطَّما
فاضحك فإن الشّهبَ تضحكُ و الدُّجَى *** متلاطَمُ ، ولذا نحبُّ الأنجُما !
قال : البشاشةُ ليس تُسعِدُ كائناً *** يأتي إلى الدنيا و يذهبُ مُرغَما
قلت : ابتسم ما دامَ بينكَ و الردى *** شبرُ ، فإنَّكَ بعدُ لن تتبسَّما
وما نيل المطالب بالتمني
ولكـن تؤخـذ الدنيـا غلابـا
ألا قف بدار المترفين وقل لهم: *** ألا أين أرباب المدائن والقرى؟
وأين الملوك الناعمون بغبطة *** ومن عانق البيض الرعابيب كالدمى؟
فلو نطقت دار لقالت ديارهم *** لك الخير صاروا للتراب وللبلى
وأفناهم كرّ النهار وليله *** فلم يبق للأيام كهل ولا فتى
لا خير في المال وكنّازه بل *** لجواد الكفّ نهّابه
يفعل أحيانا بزوّاره ما*** يفعل الخمر بشرّابه
ما ذاق طعم الغنى من لا قنوع له *** ولن ترى قانعا ما عاش مفتقرا
والعرف من يأته تحمد عواقبه *** ما ضاع عرف وإن أوليته حجرا
سـافر تـجد عـوضا عمن تفارقه *** وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
مـا فـي المقام لذي لب وذي أدب *** مـعزة فـاترك الأوطان واغترب
إنـي رأيـت وقـوف الماء يفسده *** إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والـبدر لـولا أفول منه ما نظرت *** إلـيه فـي كـل حين عين مرتقب
والأسد لولا فراق الغاب ما قنصت *** والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والـتبر كـالتبر مـلقى في معادنه *** والعود في أرضه نوع من الحطب
فـإن تـغرب هـذا عـز مـطلبه *** وإن أقـام فـلا يـعلو إلى الرتب
كم تشتكي وتقولُ إنك مُعدمُ ** والأرض ملكُك والسما والأنجمُ؟
ولك الحقولُ وزهرُها وأريجها ** ونسيمُها والبُلبلُ المترنِّمُ
والماء حولك فضةٌ رقراقةٌ ** والشمسُ فوقك عسْجدٌ يتضرَّمُ
والنور يبني في السُّفوح وفي الذُّرَا ** دوراً مزخرفةً وحيناً يهدمُ
هشّتْ لك الدنيا فما لك واجماً؟ ** وتبسّمتْ فعلامَ لا تتبسّمُ؟
إن كنت مكتئباً لعزٍّ قد مضى ** هيهات يُرجعُه إليكَ تندُّمُ
أو كنت تُشفقُ من حلولِ مصيبةٍ ** هيهات يمنعُ أنْ يحِلَّ تجهُّمُ
أو كنت جاوزتَ الشباب فلا تقلْ ** شاخَ الزمانُ فإنه لايهْرمُ
انظر فما زالتْ تُطلُّ من الثرى ** صورٌ تكادُ لِحُسْنِها تتكلّمُ
لما عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ *** أرحتُ قلبي من غمّ العداوات
إنني أُحيّي عدوي عند رؤيته *** لأدفع الشر عني بالتحيّات
وأظهر البشر للإنسان أبغضه *** كأنما قد حشا قلبي محبات
أخو البِشر محمودٌ على حُسن بِشرهِ *** ولن يَعدمَ البغضاءَ من كان عابساً
عسى فرج قريب عسى *** نعلل نفسنا بعسى
مصدر الموضوع كتاب كان عندي
Vivianالأربعاء أغسطس 12, 2009 3:24 pm