تعد جامعة الدول العربية رمزًا لوحدة الأمة العربية، فعلى الرغم من أن الدعوة إلى قيام وحدة بين شعوب العالم العربي ظلت مطلبًا عربيًا يلح على الأمة العربية منذ أمد بعيد، في حلمها ويقظتها وفي ضعفها وقوتها، فإن قيام تنظيم عربي واحد يجمع شمل الحكومات العربية لم يتبلور إلا خلال الحرب العالمية الثانية.
ويرى بعض الباحثين أن فكرة إنشاء الجامعة العربية كانت بإيعاز من بريطانيا، فقد جاء على لسان وزير خارجيتها "إيدن" في [3 من جمادى الأولى 1360هـ = 29 من مايو 1941م]:
"لقد خطا العالم العربي خطوات واسعة في طريق الرقي، وهو يطمح الآن إلى تحقيق نوع من الوحدة يجعل منه عالمًا متماسكًا، ويرجو أن تساعده بريطانيا العظمى في بلوغ هذا الهدف، ويسرني أن أعلن باسم حكومة صاحبة الجلالة عن ترحيب بريطانيا بهذه الخطوة، وعن استعدادها لمساعدة القائمين بها".
وبعد هذا التصريح بأقل من عام تم إجراء عدة مباحثات بين رئيس الوزراء المصري "مصطفى النحاس باشا" ورئيس وزراء سوريا "جميل مردم"، والشيخ "بشارة الخوري" الذي صار رئيسًا للجمهورية اللبنانية فيما بعد، وطُرحت لأول مرة فكرة إقامة جامعة عربية لتوثيق عرى التعاون بين الدول العربية.
وبدأت –على إثر ذلك- المشاورات مع بقية الحكومات العربية لإخراج الفكرة إلى حيز التنفيذ، ثم ما لبثت أن شُكّلت لجنة تحضيرية لمؤتمر عربي عام، اجتمعت لأول مرة في [6 من شوال 1363هـ = 25 من سبتمبر 1944م]، وضمت ممثلين من كل من مصر وسوريا ولبنان والأردن والعراق، واتفق المجتمعون على إنشاء رابطة تجمع شمل البلاد العربية، وتدعم التعاون بين أعضائها، واستقر الأمر على تسمية تلك الرابطة "جامعة الدول العربية".
وفي [2 من شوال 1363هـ = 7 من أكتوبر 1944م] عقدت اللجنة التحضيرية اجتماعًا في "الإسكندرية" اختتم بإصدار "بروتوكول الإسكندرية" الذي سجل الاتفاق على إنشاء "جامعة الدول العربية".
وفي [7 من ربيع الآخر 1364هـ = 22 من مارس 1945م] وقّعت كل من مصر والسعودية والأردن والعراق ولبنان وسوريا واليمن على ميثاق الجامعة في القاهرة، وخرجت الجامعة إلى حيز الوجود.
أجهزة الجامعة
مقر الجامعة بالقاهرة
تتكون "جامعة الدول العربية" من عدة أجهزة تنظم أعمالها، وتكفل لها القيام بوظائفها، وتحقيق مهامها، وهناك ثلاثة أجهزة رئيسية أُنشئت بمقتضى ميثاق الجامعة، وهي:
* مجلس الجامعة: وهو أعلى سلطة بها، ويُعدّ الأداة الأولى لتنفيذ سياساتها، ويتكون من ممثلي الدول الأعضاء في الجامعة، وهو يُعقد بصفة دورية مرتين كل عام في شهري: مارس وسبتمبر، ويجوز عقد دورات استثنائية بناء على طلب الأعضاء.
* الأمانة العامة: وهي الهيئة الإدارية الدائمة أو الجهاز الإداري للجامعة، ويتكون من الأمين العام والأمناء المساعدين.
* اللجان الدائمة: وهي التي تعمل على تحقيق أهداف الجامعة، ويبلغ عددها (12) لجنة، وهذه اللجان هي أجهزة فرعية، لا تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة
البقية تاتى
بلغ عدد الدول الأعضاء في "جامعة الدول العربية" (23) دولة، وهي:
مصر والسعودية وسوريا والأردن ولبنان والعرق واليمن
(وهم الأعضاء المؤسسون لميثاق إنشاء الجامعة في [8 من ربيع الآخر 1364هـ = 22 من مارس 1945م].)
ليبيا
(وقد انضمت في [10 من رجب 1372هـ = 28 من مارس 1953م].)
السودان
(وانضمت في [5 من جمادى الآخرة 1375هـ = 19 من يناير 1956م].)
تونس والمغرب
(وقد انضمتا في [17 من ربيع الآخر 1378هـ = 1 من سبتمبر 1958م].)
الكويت
(انضمت في [3 من المحرم 1380هـ – 20 من يوليو 1961م].)
الجزائر
(انضمت في [15 من ربيع الآخر 1382هـ = 16 من أغسطس 1962م].)
اليمن الشعبية
(انضمت في [9 من رمضان 1387هـ = 12 من ديسمبر 1967م].)
البحرين وقطر
(انضمتا في [19 من رجب 1391هـ = 11 من سبتمبر 1971م].)
عُمان
(انضمت في [7 من شعبان 1391هـ = 29 من سبتمبر 1971م].)
الإمارات
(انضمت في [18 من شوال 1391هـ = 6 من ديسمبر 1971م].)
موريتانيا
(انضمت في [غرة ذي القعدة 1393هـ = 26 من نوفمبر 1973م].)
الصومال
(انضمت في [2 من المحرم 1394هـ = 14 من فبراير 1974م].)
فلسطين
(انضمت في [14 من رمضان 1396هـ = 9 من سبتمبر 1976م].)
جيبوتي
(انضمت في [19 من رمضان 1397هـ = 4 من سبتمبر 1977م].)
جزر القمر
(انضمت في [3 من ربيع الآخر 1414هـ = 20 من سبتمبر 1993م].)
الأمين العام
الأمين العام لجامعة الدول العربية هو الموظف الأعلى في الأمانة العامة، وتكون له درجة أعلى من درجة الوزير، وذلك لدعم نفوذه السياسي في المنظمة.
ويتم تعيينه من خلال مجلس الجامعة الذي ينعقد على مستوى وزراء الخارجية، ويُشترط لتعيين الأمين العام أن يحظى بأغلبية ثلثي الأصوات، إلا أنه في التطبيق الفعلي لاختيار منصب الأمين العام يحدث تشاور بين الأعضاء، ويتم الاتفاق على مرشح واحد دون أن يُعرض على التصويت.
ولا يحدد ميثاق الجامعة مدة معينة لولاية الأمين العام، ولكن استقر العرف على أن يكون التعيين لمدة خمس سنوات، وليس هناك حد لتجديد المدة.
وقد تولى أمانة المجلس ست أمناء حتى الآن، وهم:
عبد الرحمن عزام
تولّى في الفترة [1364-1372هـ = 1945-1952م].
عبد الخالق حسونة
تولى في الفترة [1372-1392هـ = 1952-1972م].
محمود رياض
تولى في الفترة [1392-1399هـ = 1972-1979م].
الشاذلي القليبي
تولى في الفترة [1399-1409هـ = 1979-1989م].
عصمت عبد المجيد
تولى في الفترة [1409-1422هـ = 1989-200e1م].
عمرو موسى
الأمين الحالي [1422هـ-… = 2001م-…].
معاهدة الدفاع المشترك
نظرًا لأهمية التعاون العسكري والاقتصادي بين الدول العربية في مواجهة التحالفات والتكتلات العسكرية والاقتصادية الغربية، فقد قررت الدول العربية السبع الموقّعة على ميثاق الجامعة توقيع معاهدة للدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بينها، إذ لم ينص ميثاق الجامعة على ذلك صراحة، وقد تم توقيع تلك المعاهدة في [5 من جمادى الآخرة 1369هـ = 13 من إبريل 1950م].
وأنشئت –بناءً على ذلك- بعض الأجهزة المتعلقة بالأمن الجماعي مثل:
- مجلس الدفاع المشترك: الذي يتكون من وزراء الخارجية والدفاع العرب.
- القيادة العربية المشتركة: وتتكون من قادة جيوش الدول العربية.
- اللجنة العسكرية الدائمة: والتي تضم ممثلي أركان جيوش الدول الأعضاء.
الجامعة والمنازعات العربية
من المهام الرئيسية لجامعة الدول العربية التي نص عليها ميثاقها تسوية المنازعات بين أعضائها، حيث نص في مادته الخامسة على أنه:
"لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب بينهما خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة أراضيها ولجأ المتنازعون إلى المجلس لفض هذا الخلاف كان قراره عندئذ نافذًا وملزمًا، وفي هذه الحالة لا يكون للدول التي وقع بينها الخلاف الاشتراك في مداولات المجلس وقراراته. ويتوسط المجلس في الخلاف الذي يخشى منه وقوع حرب بين دولة من دول الجامعة وبين دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها للتوفيق بينهما.
وتصدر قرارات التحكيم والقرارات الخاصة بالتوسط بأغلب الآراء".
الجامعة والوساطة
وعندما أعلن الملك "عبد الله" إقامة دولة هاشمية موحدة تحت رئاسته، وتتكون من ضفتي الأردن في [6 من رجب 1369هـ = 24 من إبريل 1950م] أثار الوفد الفلسطيني مسألة ضم الحكومة الأردنية لجزء من أراضي فلسطين إليها، فنجحت الوساطة الثنائية من جانب العراق ولبنان –بناءً على توصية المجلس- في احتواء الموقف، وإنهاء الأزمة –ولو مؤقتًا- وتحقيق المصالحة بين الأطراف المعنية.
وحينما اشتعل النزاع بين العراق والكويت في أعقاب إعلان الكويت استقلالها في [5 من المحرم 1381هـ = 19 من يونيو 1961م]، وتقدمها بطلب للانضمام إلى جامعة الدول العربية في اليوم التالي، ومسارعة حكومة العراق في [11 من المحرم 1381هـ = 25 من يونيو 1961م] بإعلان أن الكويت جزء أصيل من الدولة العراقية، ولاحت بوادر احتمال الغزو العسكري العراقي للكويت -أصدرت الجامعة عدة توصيات لاحتواء تلك الأزمة في [6 من صفر 1381هـ = 20 من يوليو 1961م] دعت فيها الحكومة العراقية إلى الالتزام بعدم استخدام القوة في ضم الكويت إلى العراق، وتأييد كل رغبة تبديها الكويت للوحدة أو الاتحاد مع أي من الدول العربية، ثم أعلن المجلس عن قبول الكويت عضوًا في "جامعة الدول العربية".
كما ساهمت الجامعة العربية في تخفيف التوتر بين مصر وسوريا في أعقاب الانفصال بعد فشل مشروع الوحدة بينهما في [ربيع الآخر 1381هـ = سبتمبر 1961م].
وساهمت كذلك في إنهاء الحرب الأهلية في اليمن والتي بدأت بوادرها منذ عام [1382هـ = 1962م] عقب اغتيال الإمام أحمد، وتولي ابنه "البدر" منصب الإمام، والإطاحة به بعد أسبوع واحد في الانقلاب العسكري الذي تزعمه "عبد الله السلال" القائد العام للحرس الملكي، في [27 من ربيع الآخر 1382هـ = 26 من سبتمبر 1962م]، وتفاقم الصراع بعد تدخّل بعض القوى الخارجية ومساندتها للفريقين المتنازعين؛ حيث قامت السعودية والأردن بمساعدة المَلَكيين، وساعدت مصر الجمهوريين.
وظلت الجامعة تبذل جهودًا متواصلة لاحتواء تلك الأزمة حتى انتهت بعد حرب [ربيع الأول 1387هـ = يونيو 1967م].
إلا أن الجامعة فشلت في احتواء الأزمة بين الجزائر والمغرب على الحدود بين الدولتين في عام [1383هـ = 1963م].
كما أخفقت أيضًا في تسوية النزاع الدائم والمتجدد بين كل من: الجزائر والمغرب وموريتانيا حول إقليم الصحراء المتنازع عليه بينهم.
الجامعة ومعاهدة السلام المصرية
ومع تداعيات معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية تعرضت جامعة الدول العربية لأزمة كبيرة بسبب نقل مقرها من القاهرة إلى تونس، وتعليق عضوية مصر فيها، وظلت الجامعة في تونس لمدة أحد عشر عامًا حتى عادت إلى القاهرة مرة أخرى في [شعبان 1410هـ = مارس 1990م]، ولكنها ما لبثت أن تعرضت لأزمة جديدة نجمت عن الانقسام العربي الخطير الذي حدث في أعقاب الاجتياح العراقي للكويت في [المحرم 1411هـ = أغسطس 1990م].
a7mad 3a6efالسبت أغسطس 01, 2009 9:59 pm