فازت مصر بكأس الأمم الأفريقية ,فازت بالكأس التي لم يكن أشد المتفائلين داخل مصر أو خارجها يتوقع تأهلها لمباراتها النهائية , فازت بكأس هى الأغلى بتاريخ الكرة المصرية , وعندما أقول الأغلى فأنا أستند إلى معطيات وإلى إيجابيات حققها التتويج بهذه الكأس لم تتحقق في أى بطولة من البطولات الخمس السابقة التي توج بها المنتخب المصري , بل ولم تتحقق لأى منتخب من المنتخبات التي توجت باللقب منذ انطلاق البطولة قبل 51 عاما .
مبدئيا أبعدت هذه الكأس المنتخب المصري عن أقرب ملاحقيه في عدد مرات الحصول على لقب كأس الأمم الأفريقية , وأصبح رقم المنتخب القياسي بالحصول على كأس الأمم الأفريقية ست مرات صعب التحطيم بعد أن كان ملاحقا من قبل غانا والكاميرون ( 4 ألقاب لكل منهما ) .
وبخلاف الرقم القياسي فإن هذه البطولة أعادت الثقة للجهاز الفني وللاعبين أنفسهم بعدما بدأت هذه الثقة في التلاشي بعد كأس الأمم الأفريقية 2006 لأكثر من سبب , منها النتائج الهزيلة في التصفيات والفشل في الفوز على ثلاثة منتخبات من أضعف منتخبات القارة , كذلك الأداء الغير المطمئن بالمباريات الودية ودورة الألعاب العربية على الرغم من تتويج المنتخب المصري بالميدالية الذهبية في هذه البطولة , بالإضافة إلى الهجوم الصحفي والإعلامي على الجهاز الفني وبعض اللاعبين وأخيرا غياب عناصر هامة وبارزة بالمنتخب المصري مثل أحمد حسام ( ميدو ) لاعب ميدلسبرة الإنجليزي والذي غاب بسبب الإصابة وحسام غالي الذي اضطر إلى مغادرة معسكر المنتخب بسبب اجراءات انتقاله لنادي ديربي كاونتي الإنجليزي والذي اضطر للإنتقال إليه على سبيل الإعارة وترك معسكر المنتخب المصري بسبب تجاهله من قبل إدارة وجماهير ناديه الأصلي نادي توتنام هوتسبر وذلك بعد الأزمة الشهيرة نهاية الموسم الماضي وواقعة إلقائه لقميص النادي على الأرض بعد تبديله في إحدى المباريات , وكذلك محمود عبد الرازق ( شيكابالا ) والذي غاب بسبب العقوبة الموقعة عليه من قبل الإتحاد المصري لكرة القدم بإيقافه عن اللعب دوليا لمدة عام بسبب عدم انضباطه في معسكر المنتخب الأوليمبي المصري بدورة الألعاب الأفريقية الأخيرة .
كل هذه الأسباب اجتمعت لتنقص من الثقة وتضيف جوا من الإحباط غادرت به بعثة المنتخب المصري إلى كوماسي ولكن مباراة تلو الأخرى بالبطولة عادت الثقة حتى بلغت عنان السماء بعد المباراة النهائية والتتويج ياللقب السادس على حساب المنتخب الكاميروني وهو اللقب الذي أعاد الثقة للاعبين والجهاز الفني بأنفسهم وللجماهير فيهم جميعا .
كذلك ومن فوائد هذا التتويج إزالة الحاجز النفسي الذي كان يصاحب مواجهة المنتخبات الأفريقية الكبرى , والذي ظل موجودا على الرغم من فوز المنتخب بكأس الأمم الأفريقية 2006 بسبب إحساس بعض اللاعبين ومعهم الإعلام بأن الأرض والجمهور ساعدا المنتخب المصري في هذه البطولة , ولكن أتت البطولة لتزيل هذا الحاجز تماما ومن المشهد الأول بعد اكتساح المنتخب المصري لنظيره الكاميروني بأربعة أهداف مقابل هدفين ثم تكرار الفوز الكبير وبأربعة أهداف مقابل هدف وحيد على أفضل منتخبات القارة في عام 2007 والمنتخب المدجج بالنجوم والذي يعتبره البعض أحد أفضل منتخبات العالم ليخوض بعدها المنتخب المصري المباراة النهائية بكامل الثقة وعلى العكس يبدو القلق واضحا من البداية على منافسه الكاميروني ليؤدي المنتخب المصري المباراة النهائية بكل ثقة وثبات ويكرر انتصاره بهدف وحيد هذه المرة ولكنه أغلى من رباعية الدور الأول لأنه كان هدف البطولة والتتويج , وبالتأكيد ستنعكس هذه الثقة وهذه النتائج على شكل وأداء المنتخب المصري أمام الفرق الأفريقية الكبرى خلال المواجهات القادمة وأولها تصفيات كأس العالم بجنوب أفريقيا عام 2010 .
وبخلاف الدفعة المعنوية التي حققها المنتخب المصري من وراء هذا الإنتصار الكبير , وبخلاف عودة الثقة والإبتعاد بالرقم القياسي فإن المنتخب استفاد بشكل آخر هام جدا من هذا الإنجاز وحقق العديد من المكاسب التي جلبها التتويج بكأس الأمم الأفريقية 2008 .
أول هذه المكاسب هو التأهل المباشر لكأس القارات والتي تغير نظامها لتقام كل 4 سنوات بدلا من سنتين وتقام على أرض الدولة المنظمة لكأس العالم وتسبق كأس العالم بعام كنوع من الإستعداد وهذا ما أكسبها أهمية أكبر وبدت هذه الأهمية واضحة بالبطولة الماضية التي أقيمت بألمانيا عام 2005 والتي بدت بالفعل مثل كأس عالم مصغرة مما سيجعل المنتخب المصري أحد المنتخبات التي ستتوجه إليها أنظار العالم بعد ستة عشر شهرا من الآن , وبجوار المنتخب المصري فإن هناك خمسة منتخبات قد تأهلت فعليا إلى هذه البطولة وهى منتخبات إيطاليا ( بطل كأس العالم ) , البرازيل ( بطل أميركا الجانوبية ) , العراق ( بطل آسيا ) , الولايات المتحدة ( بطل أميركا الشمالية والوسطى ) بينما يتبقى إسمان لم يتحددا بعد وهما بطل أوروبا وبطل أوقيانوسيا , وبالطبع يبدو واضحت كيف سيكون الشكل الذي ستبدو عليه مثل هذه البطولة ومقدار الإستفادة التي ستحققها المشاركة بها إن شاء الله .
شيء آخر لم يكن بالبال مطلقا , وهو وضع المنتخب المصري بالتصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010 والتي اعتبر البعض أن وضع المنتخب المصري بها سيكون صعبا للغاية إذا لم يحقق مركز متقدم بكأس الأمم الأفريقية 2008 ( وهو ما كان متوقعا قبل البطولة ) , ولكن هذا التتويج جعل فرص المنتخب المصري كبيرة جدا بل وشبه مؤكدة في أن يكون من منتخبات المستوى الأول بالمرحلة النهائية من التصفيات , حيث كان يعتمد نظام توزيع المنتخبات في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2006 على نتئاج البطولة الأخيرة لكأس الأمم الأفريقية والبطولة السابقة لها ( بنقاط أقل ) , بالإضافة إلى منح نقاط للمنتخبات المتأهلة لكأس العالم الأخيرة ونقاط إضافية للنتائج الإيجابية بنفس البطولة .
وبالنظر للتصفيات المقبلة فإن المنتخب المصري في حالة تخطيه إن شاء الله للمرحلة التمهيدية سيكون أحد أعلى المنتخبات نقاطا إذا اعتمدت نفس الآلية في تصنيف المنتخبات أو آلية قريبة منها نظرا لحصول المنتخب المصري على أكبر قدر من النقاط في أهم عوامل التصنيف وهى بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة بالأضافة إلى حصوله على أكبر قدر أيضا في عامل آخر وهو البطولة السابقة كونه بطلا في المرتين , وهذا ما سيعوض أفضلية المنتخبات المتأهلة لكأس العالم الأخيرة عنه ويجعل تخطيه لبعضها شيء أكيد مثل منتخب توجو الذي تأهل لكأس العالم ولكنه لم يحقق أى نقاط بالبطولة بالإضافة لفشله في التأهل لكأس الأمم الأفريقية 2008 وخروجه من الدور الأول بثلاث هزائم في كأس الأمم الأفريقية 2006 .
باختصار , هذه البطولة لم تكن مجرد بطولة وإنما مجموعة من البطولات والإنجازات تجمعت في صورة بطولة واحدة , ليكون انتصارا كله إيجابيات وكله فوائد للمنتخب المصري .
hesho_16الإثنين أبريل 07, 2008 4:14 pm